هدية المدونة

هدية المدونة
لوحة بالفحم رسمتها : الكاتبة هاجر لعريبي

mardi 9 novembre 2010

لوحة زيتية

Afficher l'image en taille réelle

لوحة بالفحم

Afficher l'image en taille réelle

النقد الأدبي في مفهومه الصحافي

النقد الأدبي في مفهومه الصحافي







عبده وازن




ينبغي التمييز بدءا، بين النقد الأدبي العلمي أو الأكاديمي والنقد الأدبي الذي يمارس في الصحافة الثقافية، سواء في الصحف أو في المجلات. فهذان النقدان يختلف أحدهما عن الآخر اختلاف الغاية والوسيلة لئلا أقول المنهج. لكنهما يفيدان بعضهما من بعض ويلتقيان في مسار واحد هدفه ترسيخ العلاقة بين الأدب والقارئ أو المتلقي. النقد في الصحافة لا يستطيع أن يقوم بمنأى عن النقد العلمي ولو اختلف عنه كثير الاختلاف. فالنقد فعل واحد، لكنه يأخذ سبيلين مختلفين يفترضهما واقع الفعل النقدي نفسه. في هذا المنحى لا بد للنقد الأدبي الصحافي من أن يتكئ على معايير النقد )العلمي( أو الأكاديمي وعلى مفاهيمهما ومناهجهما ومعطياتهما ولكن من غير أن يصبح صنوهما، أي نقدا صارما ومنهجيا وعلميا. هذا النقد الذي يمارس ما يشبه الوظيفة الإعلامية واليومية يختلف في جوهره عن النقد العلمي الذي يؤدي وظيفة أشد رصانة ومنهجية. وما يجب الانتباه إليه أن النقد العلمي مكانه الكتاب أو الدراسة، أما النقد الصحافي فمجاله الصحيفة أو المجلة. وقارئ الكتاب هو حتما يختلف عن قارئ الجريدة. وبالتالي فإن الخطابين النقديين يعيان مفهوم القارئ الذي قد يكون واحدا في حالات كثيرة، لكن قراءته للنقد في الصحيفة سيكون مختلفا عن قراءته للكتب النقدية.

وظيفة النقد الصحافي إذن تختلف كثيرا عن وظيفة النقد العلمي. لكن النقد الصحافي لا يستطيع أن يؤدي عمله على خير وجه إن لم يرتكز على النقد العلمي. والناقد الصحافي الذي لا يأتي على دراسة النقد العلمي يظل دون مستوى فعل النقد. هذا ما يجب الاعتراف به. صحيح أن النقد الصحافي هو في الغالب عمل متسرع لقارئ متسرع، لكن الناقد الصحافي الحصيف يعرف كيف يستخلص العبر والمقومات والخصائص ليعرضها على القارئ من غير إطالة أو تبحر. مع أنه قد يكون قادرا على التعمق والاستفاضة في أحيان كثيرة. لكن العمل النقدي في الصحافة يفترض شروطه الخاصة بدوره. هناك قارئ يومي يريد أن يلم بما يصدر من كتب ويريد أن يطلع بسرعة على مضمون كتاب ما، رواية كانت أم ديوانا أم نقدا، فهو لا وقت لديه ليغرق في التحليل والنقد. هذا الأمر رسخته الصحافة المعاصرة ليس في العالم العربي فحسب وإنما في العالم الغربي أيضا. وباتت مقولات أربع هي: التبسيط، التكيف، الاختيار والاستخلاص هي أشبه بالشروط أو المقاييس التي يحتكم إليها النقد الصحافي. وهناك وصف للنقد الصحافي أوردته )الموسوعة( الفرنسية المعروفة بالانسيكلوبيديا: )أن يكون بسيطا واضحا وسهلا، وعليه أن يتحاشى أي تكلف في الفصاحة والتبحر(. هكذا نفهم أن على النقد الصحافي ألا يغفل عن القارئ وألا يتكبر عليه مستعرضا ثقافته ومنهجيته، بل عليه أن يأخذ في الاعتبار أن القارئ المجهول أحيانا ليس متخصصا في النقد الأدبي، وأنه يريد أن يهتدي إلى رواية يقرأها أو كتاب يقتنيه. القارئ هو الهدف الأول الذي يتجه النقد الصحافي إليه. النقد هنا لا يكون مجرد نقد للنقد، أو فعلا يمارسه الناقد لمتعته الخاصة أو لإشباع نزعته العلمية والتجريبية. طبعا يجب ألا يغيب الحضور الذاتي للناقد وكذلك ذائقته الخاصة، ولكن يجب ألا تطغى مثل هذه الأمور على العمل النقدي. في الصحافة يستحيل أن يتحول النقد فنا قائما بذاته وأن يحل محل الكتابة نفسها. وهذا ما بات يحصل كثيرا في ميدان النقد المابعد - حداثي. هذا على رغم أن رولان بارت يصر على وصف الناقد بـ )الكاتب(، معتبرا إياه )شخصية جديدة(، هي في مرتبة خاصة بين الكاتب الذي يؤلف والصحافي الذي يدبج المعلومات في الصحافة. هذه التفاتة مهمة تمنح الناقد حجمه، والصحافي حجمه وكأن الواحد منهما يحتاج إلى الآخر. الصحافي يوفر المعلومات ويتابع الإصدارات والناقد ينطلق منها ليبني أعماله التحليلية.

لم تعد الحركة الأدبية قادرة على أن تقوم من دون الاتكاء على الصحافة الأدبية، مثلما هي غير قادرة على القيام أيضا من دون حركة نقدية تقابلها وترافقها. الصحافة الأدبية حاجة ملحة في عصرنا، عصر الاستهلاك والسرعة. يريد المثقف والكاتب والناقد أن يدركوا ما يحصل في عالم النشر ولا يجدون أمامهم سوى الصحافة الأدبية أو الثقافية تلبي حاجاتهم. بل هم يريدون أن يطلعوا على الجديد في عالم الرواية والشعر والمسرح وسواها لكي يكونوا على بينة مما يحدث في عالم النشر. هذا جزء من الدور الذي تضطلع به الصحافة الثقافية. لكن هناك أمورا أخرى تقوم بها وأولها هو النقد، نقد الروايات والمجموعات الشعرية والمفاهيم والمقولات، والنقد هنا أو على هذا المستوى يجب أن يكون بنّاء وواعيا الدور الذي يؤديه ومحترما العمل الذي هو على المحك. ولطالما قرأنا في الصحافة - ونقرأ - مقالات مهمة، عميقة وصائبة ومحللة لكن طبعا من دون إطالة. وبعض هذه المقالات يستحيل مرجعا يحتفظ به. وكم من مقالات صحافية لفتت أنظار النقاد إلى أعمال كان ليغض النظر عنها، بل كم من مقالات ذكّرت النقاد بشخصيات أدبية مجهولة.

ما يجب ألا ننساه هو أن الصحافة بعامة هي سليلة الأدباء، فهم الذين أنشأوها وأسسوها وكتبوا فيها. وعصر النهضة وما قبله يشهدان على دورهم هذا. ولم يكن مستغربا أن يمارس الأدباء الكتابة والنقد في متون الصحافة جاعلين منها منابر أدبية بامتياز. هذا التقليد انتقل إلى الصفحات الأدبية بعدما تطورت الصحافة لاسيما في عصرنا الراهن. هكذا يصر أدباء كثر على الكتابة في هذه الصفحات. روائيون وشعراء ونقاد يجدون في الصحافة الثقافية فسحة لإبداء آراء وقراءة كتب ومتابعة قضايا. هذا ما نلمسه ليس فقط في صحافتنا وإنما في الصحافة العالمية أيضا. كثير من النقاد الكبار يضعون مناهجهم على حدة ويكتبون في الصحافة مقالات موجهة ببساطة إلى القارئ العادي. هذا ما يفعله تودورف مثلا أو فيليب سولرز أو فيليب لوجون وسواهم، في الصحافة الفرنسية. ومقالاتهم الصحافية النقدية هذه تختلف عن أبحاثهم العلمية ودراساتهم الأكاديمية. فالصحافة التي يصفها هابرماس بـ )الفضاء الأدبي العام( تتيح لهم المجال كي يدخلوا في علاقة مباشرة مع القراء، لا سيما بعدما أصبح نقدهم العلمي وقفا على فئة قليلة وعلى شريحة من الطلاب الجامعيين.

الصحافة الأدبية توفر لهم عددا كبيرا من القراء، يخاطبونهم بلغتهم، أي بسهولة لا تخلو لحظة من العمق. هكذا، مثلا أضحى ملحق صحيفة لوموند الأدبي مثار اهتمام النقد الأكاديمي وباتوا يكتبون فيه بشغف متابعين الأعمال الأدبية التي تهمهم. وهذا الملحق الذي أسس عام 1967 أصبح مرجعا تاريخيا للأدب الفرنسي نقدا وإبداعا. وهذا مثال من أمثلة عدة يمكن العودة إليها.

أما في عالمنا العربي فلا يمكن تجاهل الدور الذي أدته الصحافة الأدبية أو الثقافة خصوصا في مرحلة الستينيات من القرن الفائت التي شهدت نهوض عصر الحداثة الذي أعقب عصر النهضة. كانت الصحافة هذه جزءا من المشهد الثقافي، تغطي الحدث وتصنعه في الوقت نفسه. وكانت أيضا مساحة شاسعة للسجال الأدبي والثقافي بين التيارات المتصارعة والاتجاهات المتنافرة. ومثلما حصل ويحصل في العالم استطاعت هذه الصحافة أن تجذب أقلاما كبيرة ومهمة. واليوم يُطرح سؤال: ما الذي يدفع نقادا كبارا معروفين في حقل النقد العلمي إلى الكتابة في الصحافة اليومية؟ من هؤلاء مثلا: جابر عصفور، عبدالله الغذامي، محمد برادة، صلاح فضل، محسن الموسوي، حاتم الصكر، فيصل دراج وسواهم، إنهم يجدون في الصحافة الثقافية، اليومية أو الأسبوعية، فرصة لمحاورة القراء ولإثارة القضايا الراهنة مباشرة والمشاركة في السجالات الأدبية الملحة. المقالات النقدية التي يكتبونها قد تختلف عن الأبحاث التي تتطلب جهدا ووقتا، لكنها تؤدي وظيفة مهمة وتوصل رسالتها إلى شريحة كبيرة من القراء. ولعل الكثير من هذه المقالات يكون قمينا بأن يحفظ، هذا إذا لم يجمع لاحقا في كتاب، على غرار ما يفعل معظم النقاد في إقدامهم على إصدار كتب تضم مقالاتهم الصحافية.

يصعب بل يستحيل إذن تجاهل النقد الصحافي الأدبي من حيث المبدأ. لكن هذا لايعني أن الصحافة الأدبية لا تعاني أزمة أو مأزقا خصوصا في المرحلة الراهنة. وأولى بوادر هذه الأزمة هي حال التدني التي بلغتها وتبلغها الكتابة النقدية في الصحافة، وهذا الرأي لا يشمل كل الصفحات الثقافية ولا كل النقد الصحافي، فهناك جهود مميزة حقا ومقالات مهمة، وهي تؤدي دورا فريدا في حقل النقد الأدبي عموما. ما يجب أن ننتبه إليه هو أن الصفحات الثقافية لا تعتبر صفحات حرة، فهي جزء من صحيفة سياسية أو مجلة سياسية. وبالتالي فهي تابعة لمسار الصحيفة أو المجلة ولسياساتها ورؤيتها. واليوم، في العصر الاستهلاكي، عصر الإعلان والدعاية، لم يبق للعمل النقدي في الصحافة العربية المرتبة التي كانت له سابقا. فالصحافة الأدبية باتت تعتبر في الكثير من الصحف والمجلات العربية شأنا ثانويا، وقد همشت هذه الصحافة حيال الصحافة الرياضية أو الصحافة الفنية. وأزمتها تشبه أزمة القراءة نفسها أو أزمة الكتاب نفسه. ويدعي أصحاب الصحف والمجلات أن هذه الصحافة لا تجلب الإعلانات، ولذلك يجب عدم إيلائها الكثير من الأهمية. ولعل هذه النظرة السلبية إلى الصحافة الثقافية تنعكس إلى مستوى النقد والنقاد. وغالبا ما يستسهل أصحاب الصحف قضية النقد فيوظفون صحافيين لا علاقة لهم بالنقد، وهنا تقع الكارثة. طبعا هذا الأمر لا ينطبق على كل الصحافة العربية، فهناك صحف تحترم الصحافة الثقافية وتوليها اهتماما كبيرا، معتبرة أن الثقافة هي التي تمنح الصحيفة الوجه الحقيقي. هكذا نجد صحفا عدة تركز على العمل النقدي، وتجتذب أقلاما كبيرة لتساهم في هذا الميدان، والأمثلة كثيرة هنا لا نحتاج أن نذكرها.

ومن الملاحظ في العالم أن الهمّ الثقافي - والأدب جزء منه - بات يهيمن على الصحافة خصوصا بعدما أصبح الاعلام المرئي - المسموع سباقا في نقل الخبر السياسي وإذاعته، وبعدما أصبحت البرامج السياسية تحتل واجهة التلفزة الأرضية والفضائية. لقد أدركت الصحافة المكتوبة في العالم أن ما يمنحها خصوصيتها وفرادتها هو اعتماد الثقافة كخلفية للعمل الصحافي. وهذا ما استطاعت أن تواجه به الثورة التي شهدها الإعلام المرئي - المسموع. قبل فترة احتلت رواية فرنسية عنوانها أغلفة بعض المجلات الصفحات الأولى في بعض الصحف، تبعا لما تثير هذه الرواية من إشكاليات! مثل هذه البادرة تؤكد أن الأدب ما زال قادرا على أن يمارس سلطة إعلامية.

لعل أجمل ما يمكن وصف الصحافة الأدبية به هو أنها أشبه بالجسر الذي يربط بين الأدب والذاكرة، بين الأديب والقارئ، بين العمل الأدبي والإعلام. قد يكون جزء من عمل هذه الصحافة ترويجيا لكن الترويج هنا يكتسب معنى إيجابيا. إنه الترويج للكتب التي تستحق الترويج. ولولا هذه الصحافة لما راجت كتب كثيرة تستحق الترويج. ولكن من ناحية أخرى تستطيع هذه الصحافة أن تروج كتبا لا تستحق الترويج، والأمثلة كثيرة. وإن لم تكن المقالات النقدية قابلة لأن تكون مرجعا في أحيان، فإن مهمتها هي أن تؤرخ لحركة النشر وأن توثق الإصدارات. هذه وظيفة مهمة جدا تقع على عاتق الصحافة الثقافية أو الأدبية. إنها تؤرخ اللحظة لتجعل من اللحظات قائمة تاريخية لا بد من العودة إليها لرصد حركة التأليف والنشر. فالصحافة هذه تؤرخ الحركة الأدبية لحظة تلو لحظة عبر تناولها الكتب الصادرة نقدا أو إعلاما، وعبر رصدها المشاريع الأدبية ومعالجة مشكلات النشر، عطفا على محاورتها الكتاب، روائيين وشعراء ونقادا، وتتحول بعض الحوارات مراجع مهمة لفهم الكاتب وللاطلاع على أسرار إبداعه وعلى خفايا صنيعه. وثمة ناحية أخرى يجب الأخذ بها وهي أن الصفحات الأدبية تكون في أحيان منابر مفتوحة أمام نصوص الأدباء والشعراء فتقدم صورة واضحة عن الإنجاز الأدبي القائم في العالم العربي. بل إن نشر هذه النصوص يبدو أشبه بالحوار بين الكتاب أنفسهم عبر قراءة نصوصهم. ومن الأدوار المهمة التي يؤديها النقد الأدبي في الصحافة هو ربطه الأدب بالحياة، فالعلاقة بين الناقد الصحافي والقارئ هي علاقة حية فيها شيء من )التواطؤ( المضمر وكأن الواحد على معرفة بالآخر، على خلاف النقد العلمي أو الأكاديمي الذي غالبا ما يُحصر في حيز ضيق.

وإذا لم يكن مطلوبا من النقد الأدبي في الصحافة أن يكون علميا ومنهجيا فليس المطلوب منه أيضا أن يكون انطباعيا أو عفويا. المطلوب أن يجمع هذا النوع من النقد بين الموضوعية والذاتية، بين المنهجية والبساطة. وفي رأي بعض النقاد أنفسهم على النقد الصحافي أن يستفيد من معايير النقد العلمي وأن يجعلها ضمن ذاكرته، حتى وإن لم يستخدمها في المعنى المباشر. فالنقد نقد، سواء أكان علميا أم صحافيا. هذا ما يؤكده النقاد عندما يكتبون في الصحافة. وثمة ظاهرة يجب التوقف عندها وهي إقبال الشعراء والروائيين على الكتابة النقدية في الصحف والمجلات. وهي ظاهرة عالمية قديمة نسبيا. وهي تدل على رغبة الأدباء في ممارسة النقد لا كهواية كما قد يظن وإنما كفعل ولو هامشي، يدفعهم إلى تملك أدواتهم التقنية وإلى الإلمام بأسرار الكتابة أكثر فأكثر، علاوة على أن النقد يمنحهم فضاء معرفيا يضاف إلى خبرتهم الأدبية. وقد يصيب الأدباء أحيانا في نقدهم أكثر مما يصيب النقاد أنفسهم. وقد يكونون طليعيين أحيانا أكثر من النقاد أيضا. أتذكر هنا ما قاله الشاعر الفرنسي بودلير: على كل شاعر أن يكون ناقدا في عمقه!

ينشر بعض النقاد الصحافيين مقالاتهم في كتب، بعد أن يصنفوها ويخضعوها لسياق نقدي معين. لكن قراءة المقالات الصحافية في كتاب تختلف عن قراءتها في لحظتها منشورة في صحيفة أو مجلة. السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل يمكن نشر مقالات كتبت في ظروف ما وتحت ضغط العمل النقدي الصحافي في كتاب يتوجه إلى قارئ يختلف عن قارئ الصحيفة؟ قال الكاتب الفرنسي أندريه جيد مرة في هذا الصدد: )أسمّي الصحافة كل ما يصبح أقل أهمية بين يوم وغده(. قد يكون هذا القول قاسيا، لكنه حقيقي وهو خير جواب عن السؤال المطروح. ولكن طبعا هناك استثناءات واستثناءات كثيرة. فالعمل الصحافي وإن كان ينتمي إلى ما يسمى العمل )العابر( أو )الزائل( بل وإن كان صنيع لحظته الفردية والعامة، يظل عملا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه البتة. بل هو، عمل يجمع بين اللحظة العابرة والتاريخ لكونه يؤرخ للحركة الأدبية انطلاقا من مفهوم اللحظة.

ومهما اعترى النقد الأدبي الصحافي من هنات - هي هنات النقد نفسه - أو من أزمات - متى لم يكن النقد في أزمة؟ أو من أخطاء - هل من نقد لا يخطئ؟ - فهو يظل الرفيق الأمين - أو الخائن - للأديب، شعرا ورواية، يلقي عليه الضوء ويهدي إليه القارئ، أيا يكن، ويفتح أمامه الطريق ليدخل إلى الذاكرة، الفردية والجماعية.

lundi 1 novembre 2010

النقد الأدبي -منقول -

النقد الأدبي دراسة ونقاش وتقييم وتفسير الأدب. يعتمد النقد الأدبي الحديث غالبا على النظرية الأدبية وهي النقاش الفلسفي لطرق النقد الأدبي وأهدافه، ورغم العلاقة بينهما فإن النقاد الأدبيين ليسوا دوما منظرين.

لا تفرق بعض المؤلفات بين النقد الأدبي والنظرية الأدبية، بينما يعتبر بعض النقاد النقد الأدبي التطبيق العملي للنظرية الأدبية لأن النقد يتعامل مباشرة مع العمل الأدبي. وغالبا ما يطبع النقد الأدبي الحديث في مقالات أو كتب، ويدرّس النقاد الأكاديميون في أقسام الأدب ويطبعون مقالاتهم في مجلات أكاديمية، أما المشهورون منهم فينشرون في دوريات واسعة الانتشار مثل قسم مراجعة الكتب في صحيفة نيويورك تايمز.

النقد الأدبي هو إبداع على إبداع أي دراسة النص الأدبي ليخرج الناقد بنصه الجديد ، ولذلك يعد الناقد هو المبدع الثاني للنص.

وقد تعددمناهج النقد الأدبي وتطورت بعد أن بليت المناهج المدرسية وتراجعت المناهج الاجتماعية لتظهر مناهج الحداثة النقدية من بنيوية وأسلوبية وألسنية، لينتقل النقد الأدبي إلى مرحلة ما بعد الحداثة وتلقي النقد التفكيكي والثقافي والحر.

ومن أشهر أعلام النقد الأدبي في العالم هو الفرنسي رولان بارت.

ولأن النقد الأدبي فرع عن أصله وهو الإنتاج الأدبي بفروعه المختلفة والمعروفة بالأنواع الأدبية ، ولأن بلاد المليون شاعر معروفة بعطائها الشعري في وقت أصاب الضعف أغلب أنحاء العالم العربي ، ففي حين كان محمد للطلبة اليعقوبي وأضرابه ينسجون القصائد الطوال في الأغراض الشعرية التي تتماشى مع عمود الشعر العربي كانت الملاحظات النقدية تترى من المهتمين باستقبال الشعر والمحترفين لنقده وإذاعته بين الناس.
المصادر : الثقافة والعولمة مقاربات نقدية مدارها النص ، د أحمد سالم ولد اباه، المكتبة المصرية للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة 2009



dimanche 31 octobre 2010

شعر

بقلم : الشاعر وجدان عبد العزيز

كل النوافذ .. إلا نافذة الخبز  

حرتُ ما بينَ الخطوِ


أن أخطو

أرحلُ

أبحثُ في شاطيء أيوب الصبر

خطواتي تترى

أخطو الدهليزَ الأولَ .. فالثاني

قد تخرجُ عذراءُ الليلِ ( ليلى )

تكشفُ عن ساحاتِ الخبزِ

قد تتعرّى أعرضُ عن هذا

أتوقّفُ يتوقفُ خطوي

أستجدي الخصبَ من يوسفَ

الصبرَ من أيوبَ

الخبزَ من طاغوتِ الأرضِ

فأجوعُ .. أجوعُ

يركبني الحبُّ .. أتركُ كلَّ الخطوِ

ينفتحُ الشاطيءُ تخرجُ سلحفةُ الخيرِ

ترقصُ نشوى ونثارُ طحينٍ أسمرَ

أمي وضعتْ هذا

السلحفُ يحلمُ بالكرم الطائي كان ..

ويظلُّ بعدَ مرورِ العصرِ

لكني يا يوسف أبدأُ من ثاني اثنينِ

أنتَ من بئرٍ أظلم أخرجكَ على سفرٍ عابرٍ









أنا من يرحمُ وضعي

قد تسكنُ حالي

لكن جوعي لم يسكنْ

أستجدي الصبرَ من أيوبَ

يوسف أسألُ عن رؤياكَ

هلْ من رؤيا ثانية ؟

يوسفُ ما هذا ؟

أنا منْ آمنَ صدقاً ؟

أحلمُ .. سفنُ الكرمِ ترسو عند الشاطيء

وأنا منهمكٌ أرسمُ خطوي فوقَ الخطوِ الثاني

علَّ الصابر أيوب يفتحُ نافذةَ الخبزِ





شعر

بقلم : الكاتب و الأديب الكبير أحمد جنديل
أنا وجرحي والعراق ........قصيدة

أنا وجرحي والعراق



تمهيد :
في ذات اللحظة التي احترقت فيها الشمس وتحولت إلى وكر للظلام ، حملتُ جرحي والعراق واتجهتُ صوبها ، وفي آخر محطات الرعب ، داهمني غلمان الشبق السياسي ، وشيوخ المراهقة الفكرية ، وتلاميذ معاهد الدعارة ، ورهط من المصابين بالعقم الوطني ، وبغايا العمالة والتجسس . وبعد التحقيق والتدقيق ، اكتشفوا في جرحي كلّ القوميات ، وكلّ الأديان ، وكلّ المذاهب التي يحملها العراق ، ولأنهم أدمنوا على دفن رؤوسهم في التراب ، فقد دفعونا إلى المحكمة فدخلنا : أنا وجرحي والعراق . .... وكانت المحاكمة .
المحكمة


الجلسة ُ تـُفتَحُ بعد قليل ، والسجّان يداعبُ سكـّينَ الذبح


وعلى جبهةِ قاضي العدلِ وشمٌ يرمزُ للعدلِ وللحكمه


وهناك على جدران القاعة ، انتشرت آياتٌ تدعو للرحمه


ودعاءٌ حولَ الغفران


وأنا مختومٌ بالقهر ومشحونٌ بالأحزان
ما أعرفه :


إنّ السكـّينَ الممهورة بالعدل قد جزّتْ آلاف رؤوس المشلولين
وأنا مِن بين المقتولين
************


الجلسة افتتحتْ رسمياً


قضاةٌ ، ومحامون ، وأشباحُ شهودْ


وحرّاسُ المحكمة الكبرى يمسكُ كلّ منهم أسواطا وقيودْ
جلسة ُ قَطْعِ الأعناق افتتحتْ رسمياٌ

ذبحٌ رسمي تحتَ غطاء القانونْ

وذبحٌ شرّعه أباطرة العقد الوثنيه


وذبحٌ آخر باسمِ الأهداف ألوطنيه
وأشكالٌ أخرى موزّعةٌ تحتَ مظلات مزاج الحكـّام ْ

وأنا محكومٌ بالإعدامْ



والجلسة ُ افتتحت رسميا



مطرقة الشيخ القاضي عملتْ رسمياً



ضربَتْ ذقنَ الجمهور الجالس في القاعة ، أنْ اِنتبهوا



صحَتِ القاعةِ من غفلتها



موجة ضحكٍ متواصلْ



وبكاءٍ في قفصي متواصلْ



صرخَ الشيخُ العادل :



متهمٌ أنتَ بقتلِ الأمنِ ونشرِ الفوضى ، وتلقين ..... تعاليم الثورة



وتبشّرُ في النصر على السوط ، وخلق حياة حرّه



ووفق تعاليم الدين



قررنا .................................. بالسكـّين



يارب الأديان



أفهمُ أنّ السكـّينَ مهمتها قطع الأعناق



ووظيفتها الأخرى قطع الأرزاق



لكنـّي لا أعرف أنّ السكـّين تمارسُ قطعَ ..........



وبكيتُ ... بكيتُ .... لأني لا أعرفُ أهدافَ السيف الحاكم في بلدي





*****



الجلسة ُ اكتملتْ ، ومقاعدها امتلأتْ



وأنا خلف القضبانْ



يأكلني الخوف ويمضغني الحرمانْ



أحملقُ في الجمع الحاشدْ



لم ألحظ جبهة ساجدْ



جمعٌ نتنٌ معروفٌ من ........ المكشوفه



والبعض الآخر ينضحُ قيء شعارات معروفه



وفي الصفِ المتقدمِ ، يجلسُ شيخٌ يحملُ رأسَ الفأرِ



شفتاه كشقـّي ...... جرو ، يتبخرُ من فمه القطرانْ



يبدو من غيرِ لسانْ



ومن إحدى عينيه يراقبُ سير الجلسة ، والعين الأخرى تأكلها الديدانْ



وبقيتُ أحدّقُ فيه ..... أحدّقُ فيه



ومن طول القرنِ النابتِ في جبهته



وبقايا أسرابِ ذبابٍ وسخٍ تكوّرَ فوقَ جدائل لحيته



جِيىَ به من خافَ الأسوارْ



فالقاعة تحتاجُ إلى إكسسوارْ



وعندَ بيان الإعلانْ



نامَ الشيخُ السلطانْ



وتعالى الهمسُ ، تلاه ................وسيلٌ من هذيانْ



في تلكَ اللحظة من زمن الخسرانْ



وقفَ الجرذ ُ المتقرّن في الميدان ْ



أعلنَ باسمِ حقوق الإنسانْ



...............................



تحركَ في رأسي ملكُ الجانْ



انتفضَ الوطنُ المطعون بغدر الصبيانْ



صفعتني سعفاتُ النخلِ المغسولة بالقهرِ وبالذ ّل وبالأشجانْ



أغرقني ماء النهر ورمل الشطـّانْ



يادجلة ماؤك يفتحُ كلّ جروحي ، وجروحي قاتلة يارحمنْ



النزفُ غزيرٌ والجرحُ عميقٌ يارب الأديان



وطني يحتضرُ الآن ، وتراب الوطن المجروح يتشظى شررا ،



وتثور شواطئه كالبركانْ



ستفور دماء ، وستغضب أخرى ، وستنهدّ الأرض لتأكل كلّ عروش الوهمِ ،



وأبراج الزيف ، وأحلام الغلمانْ



وطني يتوضأ بالعهر السافل ، وينام على ألحان الصفقات ، ويَغسل شيبتـَه



بنقيعِ الذلّ ، ويغرق في بحر الطغيانْ



وطني يتوقفُ في عينيه الزمن الصعب ، فتعالَ اله الشمس على أجنحة السرعة ،



فاللوطيون هنا ................



في تلكَ اللحظة كان صراخي يترنحُ في الوديانْ



وعند بيان الإعلان



................



ووقوف الجرذ المتقرّن في الميدانْ



...............



...............باسم الإنسانْ



صرختُ بأعلى صوتي ، سقطَتْ من صوتي كلّ شعارات الجدرانْ



يحيا الإنسان ، وتحيا جمعيات حقوق الإنسان ْ



.........................



.........................



باسمِ مكافحةِ الإرهاب ، وما يفرزُ من إرهابْ



باسمِ طوابير لصوص الليلِ وما يفعله السادة والأذنابْ



باسم النفط العربي ، ومشتقات النفط العربي من النهد الطفل إلى الفخذ العاري إلى الغزل المفضوح .....................



يحيا الإنسان وتحيا جمعيات حقوق الإنسانْ



باسم المخصيين من الثوريين بلا ثوره



باسم الوثنيين يؤدّون فريضة حجّ ألعمره



باسم الشرفاء من الجرذان الجَرباءْ



باسم القفز على أكتاف الفقراءْ



باسم الشعب المثقل بالجوع وبالجهل وبالظلم ، يساقُ إلى المجهول تحت فتاوى الأجراءْ



باسم .................................



.......................................



يحيا الإنسان وتحيا جمعيات حقوق الإنسان



صرخَ القاضي العادلْ



تحركّ حرّاس القاعة



ألقمني الجرذ المتقرّن سوطاً ألهبَ ظهري



أحد الحرّاس أهداني سوطاً ( مشكوراً ) أخرسَ قهري



صرخَ الشيخُ الغاضب، أنْ أصمت ، وصمتّ



ولا يوجد حدّ بين الصمتِ وبينَ الموتْ





******



أبوبُ القاعةِ ما عادت مقفلة ٌ



موجٌ متواصل من قطعان ، بعضهمُ يسترُ فعلته بالعلمِ الوطني ،



والبعض الآخر مفروزْ



وكلابُ الأحياء الوسخةِ ، تتراكضُ نحوَ القاعةِ ما بينَ القافزِ والمقفوزْ



أتأملُ هذا الحشد ألجوعي ، وأنا في قفصي ، وفي داخلِ أعماقي وطنٌ محجوزْ



يأخذني خازوقٌ ويُرجُعني سوط ٌ ، ويحكمني رأسٌ مهزوزْ



براز سكارى المبغى الأمريكي هنا وصلوا ، ما بينَ المفضوح وبينَ المرموزْ



.................................................................



...............................................................



ياوطني ؛ أعداؤكَ في القاعةِ تعرفهم ، وأنا أعرفهم



أشرفهم سماسرة الطغيانْ



............................



والمتكئون على شرفِ الألقاب الموبوءةِ في قعرِ النسيانْ



والمعتاشون على رمي الشيطان علانية ، ويعتاشُ الجمعُ على الشيطانْ



والداعون إلى الدينِ بلا ربٍّ ، والربّ تعالى صاحب كلّ الأديانْ



ياربّ الأديان ، الكلّ يجدّف بالدين ، ويتاجرُ بالنص ، فجرّد سيفكَ يارحمنْ



الكلّ هنا يُمسكُ بالدينِ ، واللعبة ُ واضحة ٌ ، فمزادٌ علني يُعرَضُ للأديانْ



وتخفيضٌ في الأسعار ، والبيعُ هنا بالأقساط ، وبأدنى الأثمانْ



تصفية ٌ ياسادة ، والقوم حبالى ياسادة ، والأرحام يكشّرُ فيها الحقد الأسود



فتعالوا ياجمهرةَ المنبوذين ، فالبيع هنا ، في المنطقة السوداء هنا



.......................................



.................................



...................................



................................



والبيع هنا مجّاناً



لا تخطئوا علامة الطريقْ



دليلكم هذا الدمار والحريقْ



................................



مزادٌ علني ياسادة



وطني يُعرضُ للبيع هنا ياسادة



ياشّذاذ َ الآفاقِ ، ويا تيجان الخزي اِحتشدوا



...................................... اجتهدوا



وطن منهوبٌ فليأخذْ كلّ ٌ منكم حصته



رأسُ البصرةِ محجوز، وكذلكَ كركوكْ



................................. ومبروكْ



فعلى أنغامِ صواريخِ المحتّلْ



وإبادةِ أهلِ المدنِ الموبوءةِ بالجهلْ



سيكون البيع على الوجهِ الأكملْ



فتعالوا نتقاتل باسمِ القرآن ، فقد رسمَ المحتـّلُ لنا الحلّ الأمثلْ



...........................................................................



............................................................................



............................................................................



وتعالوا ياصبيانَ اللعب السرّي مع المحتل



تعالوا لبهائمِ أرصفةِ الطرقاتِ ، فقد عدّت أيديهم للتصفيقْ



ياديدان النجس المتبرقعِ بالطهرِ ، المسرحُ هُيِّا للزيفِ وللتلفيقْ



فليحفظْ كلّ منكم ما لقـّنه المحتلّ ــ أيّاً كان المحتل ــ دونَ إضافة لغوٍ أو تعليقْ



فغداً يقذفُ بركانُ الغضبِ العارمِ أشلاءَ الجبناءْ



وغداً تحترقُ الأوراقُ وتنهارُ الأدوارُ بفعلِ دماء الشهداءْ



وغداً تَغتسِلُ الأرضُ بماءِ الصبحِ ، وأشرفُ وجهٍ فيهم لا يصلحُ كعب حذاءْ



ما عاد لهذا الوطن المفجوع سوى جمهور الشرفاءْ



تقدموا ياأحبابَ الله ، وهزّوا الجذع المنخور ، تتساقطُ أصناف العثّة ........الأمراءْ



وأزيحوا عن وجه الوطن المطعون رؤوس الخزي ....................... الأجراءْ



فبضل دعارتهم ، لحمكَ ياشعبي صارَ شهيّاً ، ودمُ الفقراءِ عُتـّقَ خمراً ، وذباب الصالات الوطنية ...............



....................



..... ياأحبابَ الله نـُعلن بدء الثورة



وليتمترس كلّ منكم بالعشق الوطني ، وسنكشف للعالم قبح العورة



وسنصرخ ملئ إرادتنا الحرّة



هذا وطن منذ الفجر الأول ، ومنذ ولادة هذا الكون



يشقى .. يعرى



يتقيّحُ مرضاً أو فقرا



وليس يجفّ وليس يموتْ



فلتسقطْ كلّ الأضداد



ولتحيا أوراق التوتْ





************************************





* هذه مقاطع من قصيدة طويلة ، حذفتُ منها الكثير وأبقيتُ هيكلها المجرد لأنها في مجملها تعطي صورة للقارئ عن المأساة وهذا قد يرضيه ولو بالحد الأدنى



شعر

على أستار المدن

بقلم : الشاعر وجدان عبد العزيز

الذكريات أسمال
أعيد ترقيع أكتافها بتواريخ اللقاء
وحيدا اتكأ على الصبر
والمحطات ملت حيرتي
لكن صورتك الأولى
تنبع وسط الروح
أتمرأى جمال الملامح فيها
ثم أذوب آخرة الليل
بحلم جميل
وأظل أعلن ذكرياتي أسمال ..
يلفظها النهر في مجراه
سوى عتبي وأذيال الشمس
يمسك بآخر لقاء
رافعا صورتك المحلاة بارق غزل العصافير
إني استمد منها عون المسير نحو محطات الليالي
أنا طائر الفظ آخر المسافات
وتظلين صورة العتب المعتق على أستار المدن
ايتها الذكرى ، يا أسمال الماضي ،ذهني لن يموت
العينين الكحيلتين ، تجددان اشراقة الصباح
فأخيط آخر رقعة في أكتافك ،
وأجدد فضول الحب في قلبي المسكين
لحظات ، ساعات ، أيام ، لا ادري ..كل الوقت احبك
سأظل آخر خيط في ذيل الذكرى ...