هدية المدونة

هدية المدونة
لوحة بالفحم رسمتها : الكاتبة هاجر لعريبي

lundi 25 octobre 2010

النظام القضائي بين الأحادية و الإزدواجية

بقلم : هاجر لعريبي
النظام القضائي بين الأحادية و الإزدواجية


يشمل النظام القضائي في إطار الرقابة القضائية على الأعمال والتصرفات الناجمة عن الأفراد أو الإدارة على نموذجين من الأنظمة هما القضاء الموحد و القضاء المزدوج وقبل التعريف بهذين النظامين و ما هي نقاط الاختلاف بينهما لا بأس أن نلقي نظرة وجيزة على النظام الذي عرفته الحضارة العربية الإسلامية و الذي سمي بقضاء المظالم حيث يعرفه العلامة ابن خلدون فيقول : " النظر في المظالم وظيفة ممتزجة من سطوة السلطنة و نصفة القضاء و تحتاج إلى علو يد و عظيم رهبة تقمع الظالم من الخصمين و تزجر المعتدي ، و كأنه يمضي ما عجز القضاة أو غيرهم على إمضائه " و يرى الفقه أن قضاء المظالم أو كما يسميه البعض ولاية المظالم أنه يقوم على أساس مبدأ المشروعية الإسلامية التي تمنع الظلم و تحرمه و تقتدي بما هو وارد في القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة كما يذهب الدارسون في هذا المجال إلى أن الدولة الإسلامية عرفت هذا النظام منذ عهد الرسول صلى الله عليه و سلم و بعده مرورا بالخلفاء الراشدين ثم الأمويين و العباسيين كما أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان هو أول من أنشأ " ديوان للمظالم " و حدد يوما ثابتا لذلك و استمر هذا الأمر إلى أن تدهور حال الحضارة الإسلامية وخضعت معظم الدول الإسلامية للاستعمار الغربي بما تحمله ثقافته و حضارته من سموم و حقد فقامت بتدمير و إفساد العديد من مؤسساتها و أنظمتها



أما الآن فيسود دول العالم كما سبق أن ذكرنا نضام قضائي الموحد و آخر مزدوج أما الأول فيقوم على أساس منح القضاء بكل محاكمه و على اختلاف درجاتهم الحق في النظر و الفصل في جميع المنازعات دون الأخذ بعين الاعتبار من هم أطراف النزاع وقد ولد ونشأ هذا النظام بين أحضان الدول الأنجلوسكسونية انطلاقا من انجلترا و بعدها الولايات المتحدة الأمريكية ويحكم هذا النظام مبدأ هام هو أن القاضي يملك سلطات ضخمة في مواجهة الإدارة فهو يستطيع إصدار أوامر بعمل أمر معين أو الامتناع عن أمر معين أو تعديل قرار معين بمعنى أنه لا يوجد في ظل القضاء الموحد محاكم إدارية مستقلة عن المحاكم العادية ، فالقضاء العادي يختص في النظر في جميع النزاعات سواء كانت بين الأفراد أو بين الأفراد والإدارة ،وسواء أكانت هذه النزاعات مدنية أو تجارية أو إدارية .إضافة إلى أنه يتم وضع قانون واحد تفصل قواعده القانونية في جميع المنازعات سواء كانت عادية أو كانت الإدارة طرفا فيها و بتالي وجود الإدارة كطرف في النزاع لا يمنحها الحق في تطبيق قانون مميز يختلف عن القانون العادي الذي يطبق على منازعات الأفراد العادية ومن الدول العربية التي تأخذ بالنظام القضائي الموحد فلسطين والأردن والعراق و مما هو أكيد أن الأخذ بأي نظام من شأنه أن يحقق نتائج و يولد بالمقابل مساوئ فيرى الفقه أن من بين مزايا هذا النظام احترام و تكريس مبدأ المساواة بحيث يتقاضى كل من الأفراد و الإدارة العامة أمام جهة قضائية واحدة ووفق قانون واحد إضافة إلى أن الأخذ بوحدة القضاء من شأنه أن يسهل في إجراءات التقاضي بما يحمله هذا النظام من بساطة ووضوح ،والذي يميز هذا النظام كذلك أن الدول الأنجلوسكسونية التي تتبعه ,يتمتع القضاة فيها باستقلالية تامة عن السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة العدل , التي لا يكون لها أي دور في إقامة العدالة . وتتولى السلطة القضائية من خلال هيئاتها إدارة جميع شؤونها بما فيها الإدارية والمالية


أما مساوئ هذا النظام فتظهر في الصعوبات و أحيانا العجز الذي يصيب هيئات القضاء العادي و الذي يبرره مبدأ عدم الاختصاص الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى إهمال الحقوق و عدم وجود كفاءة عالية لحمايتها حيث أن النشاط الإداري غالبا ما يتميز بالتعقيدات و صعوبة في الإجراءات كما من شأن هذا النظام الضرب بمبدأ الفصل بين السلطات عرض الحائط على أساس أن القاضي ممثل بسلطة القضائية يتمتع بسلطات واسعة تجاه الإدارة العامة السلطة التنفيذية .


أما النظام المزدوج الذي يعرف بالنظام اللاتيني وينسبه الفقه لفرنسا فهو يقوم على أساس وجود قضاء مستقل يختص بنظر في المنازعات الإدارية و بتالي فان الاختصاص ينسب إلى الجهة القضائية بالنظر إلى أطراف النزاع أو موضوع النزاع و لتبسيط الفكرة أكثر نقول أن النظام المزدوج يفرض وجود قضاء إداري ينظر في القضايا التي تكون فيها الإدارة طرفا في النزاع و تصنف على أنها قضايا إدارية و قضاء عادي يفصل في القضايا العادية الأخرى وتبعا لذلك فإن القضاء الإداري يلجأ أثناء الفصل في المنازعات الإدارية إلى تطبيق قواعد قانونية متميزة ومختلفة عن قواعد المطبقة في القضاء العادي ومن الدول العربية التي تأخذ بالنظام القضائي المزدوج ، و التي تأثرت بفرنسي في هذا المسار: سوريا منذ صدور قانون مجلس الدولة سنة 1946، ومصر ولبنان ، تونس والجزائر خاصة بعد صدور دستور 96 و التبني الواضح للازدواجية في القضاء.


كما أن نضام القضائي المزدوج و هذا على خلاف النظام الموحد فإن السلطة التنفيذية تلعب دوراً كبيراً جداً في الشؤون القضائية من خلال وزير العدل ، الذي تكون له روابط وثيقة الصلة بالقضاء و يكون لسلطته وقع مهم وأثر ملحوظ في التنظيم


أما عن مزايا النظام القضائي المزدوج فنجد أن مبدأ المساواة ومبدأ الشرعية وسيادة


القانون لا يتطلبان حتما خضوع الحكام والمحكومين ( المنازعات العادية


والمنازعات الإدارية ) لاختصاص قضاء واحد و بتالي فإن القضاء المزدوج يراعي مقتضيات الإدارة العامة المكلفة بتحقيق المصلحة العامة و التي تمتلك امتيازات وسلطات الإدارة العامة وعلى هذا الأساس يجب وضع قضاء مستقل يفصل في شؤونها و ذالك في ظل قواعد قانونية مختلفة و متميزة تأخذ بعين الاعتبار تباين المراكز القانونية و اختلاف أهدافها حيث أن الإدارة تستهدف دائما ضمان حسن تحقيق المصلحة العامة.


كما أن وجود قضاء إداري مستقل عن القضاء العادي يعد تكريسا لمبدأ المساواة الفصل بين السلطات بحيث لا يجب أن تتدخل السلطة القضائية في السلطة التنفيذية ويجب أن يكون هناك قضاء إداري مختلف و مختص و من هنا كذلك يظهر عامل الاختصاص حيث أن القاضي الإداري الذي يتكون بطريقة خاصة يتيح له ذلك التحكم في قواعد القانون الإداري و بالتالي تكون له دراية عالية و متخصصة و إطلاع واسع على نشاط إداري أكثر من القاضي العادي و الأهم من ذلك كله أن دور القاضي الإداري اجتهادي إنشائي فهو لا يملك تقنين يحوي مواد للفصل في النزاعات الإدارية عكس القاضي العادي الذي يكتفي بتطبيق القانون و هذا ما يجعل القاضي الإداري في اجتهاد مستمر و خاصة أنه يستنبط الأحكام على الصعيد العملي التطبيقي و الميداني و الأخذ بهذا النظام القضائي يفرض وجوب وجود هيئة ( محكمة التنازع) تفصل في منازعات الاختصاص التي قد تثار بين القضاء العادي و الإداري فيما يخص الاختصاص القضائي . أما ما يأخذ على القضاء المزدوج أنه لا يحقق المساواة بين أطراف النزاع إذ يتم التميز بين الأفراد و الإدارة العامة كما يعاب عليه أنه كثير التعقيدات على عكس النظام الموحد سواء من ناحية الإجراءات أو طبيعة القواعد المطبقة و خاصة فيما يخص إشكالات التنازع التي تطرح على مستوى محكمة التنازع للفصل فيها و ترجيح كفة التقاضي وهكذا نكون قد حاولنا و لو بشكل موجز التعريف بكلى النظامين القضائيين و أهم ما يميزهما و كذا نقاط الاختلاف بينهما .

3 commentaires:

  1. لم يعرف القضاء الاداري في فرنسا الاستقلالية الا عام 1872 تطبيقا لقانون 24/05/1972 والذي اعطى لمجلس الدولة الفرنسي استقلالا كاملا عن السلة التنفيذية بعد ان كان دوره استشاريا فقط

    RépondreSupprimer
  2. لم يعرف القضاء الاداري في فرنسا الاستقلالية الا عام 1872 تطبيقا لقانون 24/05/1972 والذي اعطى لمجلس الدولة الفرنسي استقلالا كاملا عن السلة التنفيذية بعد ان كان دوره استشاريا فقط

    RépondreSupprimer
  3. أريد فقط سألك إذا كان هذا مقال لو سمحتي فقد إستعملته كمرجع و يجب تأكيد ذلك .

    RépondreSupprimer