هدية المدونة

هدية المدونة
لوحة بالفحم رسمتها : الكاتبة هاجر لعريبي

samedi 23 octobre 2010

مدارس الفن الروائي والأدبي

المدرسة الكلاسيكية



الكلاسيكية مذهب فني أدبي و كلمة- كلاسيكية- من حيث الأصل اللغوي مأخوذة من كلمة classis التي كانت تدل على معنى وحدة الأسطول ، ثم استعملت بمعنى وحدة دراسية أو فصل دراسي ثم أصبحت تطلق على مذهب أدبي محدد الصفات والخصائص وقيل إنها من اللفظة اللاتينية ((classicus)) وتطلق على الطبقة العليا في المجتمع حيث كان المجتمع في أوربا ينقسم إلى 6 طبقات أعلاها طبقة الكلاسيك اما من الناحية الاصطلاحية فهو مذهب أدبي يتمسك بالأصول القديمة الموروثة عن الأدب اليوناني القديم ويحرص على المحافظة على الأصول اللغوية السليمة في رتابة وعناية بالغتين باعتماد نظرية المحاكاة و التي يقصد منها محاكاة الأدب بالواقع الخارجي و ذكر كل ما هو واقع أو ممكن الوقوع

أما في عصر النهضة الأوروبية وكذلك في العصر الحديث فيقصد به كل أدب يبلور المثل الإنسانية المتمثلة في الخير والحق والجمال وهي المثل التي لا تتغير باختلاف المكان والزمان والطبقة الاجتماعية ، من أبرز الشخصيات التي كان لديها أثر و دور مهم في تأسيس المدرسة الكلاسيكية في الكتابة الأدبية الكاتب اللاتيني أولوس جيليوس هو أول من استعمل لفظ الكلاسيكية على أنه اصطلاح مضاد للكتابة الشعبية، في القرن الثاني الميلادي.

كما تعد مدرسة الإسكندرية القديمة أصدق مثال على الكلاسيكية التقليدية، التي تنحصر في تقليد وبلورة ما أنجزه القدماء وخاصة الإغريق دون محاولة الابتكار والإبداع

وأول من طور الكلاسيكية الكاتب الإيطالي بوكاتشيو 1313-1375م الذي عمل على إلغاء الفوارق و الهوة بين الكتابة الأرستقراطية والكتابة الشعبية وتعود له أصول اللغة الإيطالية المعاصرة.

دون أن ننسى ذكر رائد المدرسة الإنكليزية شكسبير 1564-1616م الذي عمل هو كذلك على تطوير الكلاسيكية في عصره ووجه الأذهان إلى الأدب الإيطالي في العصور الوسطى ومطالع عصر النهضة . يقوم المذهب الكلاسيكي على مجموعة من المعتقدات و الأسس تتمثل مجملها و أهمها فيما يلي أولا : الاعتماد على العقل، وإعطائه زمام الحكم والسيطرة على الخيال والعاطفة ، ولكن هذا لا يعني أن العقل الذي دعا إليه الكلاسيكيون عقل تجريدي بارد، بل هو عقل انفعالي يتحقق يه التوازن بين الفكر والخيال من جانب، والفكر والعاطفة من جانب آخر كما يعتبر الكلاسيكيون العقل هو معيار لفلسفة الجمال في الأدب وهو الذي يحدد الرسالة الاجتماعية للأديب والشاعر، وهو الذي يوحد بين المتعة والمنفعة و قد أسفر اعتماد هذا الأساس إلى عدة نتائج ونقاط نوردها فيما يلي : غلبة الوضوح على الأدب الكلاسيكي و تجنب تصوير ما هو شاذ أو غير معقول والاتجاه إلى تصوير القضايا الإنسانية التي تصلح لكل زمان ومكان و جعل الواجب أهم من العاطفة في أدبهم، فالشخصية في المسرحية الكلاسيكية تضحي بعواطفها لقاء تأدية الواجب الذي تفرضه القيم والأعراف السائدة .

ثانيا : الكلاسيكية تقدم فنها وأدبها للصفوة المثقفة الموسرة وليس لسواد الشعب، لأن أهل هذه الصفوة هم أعرف بالفن والجمال خاصة الشعري منه و الذي لا تراه كل العيون كما أن الأدب الكلاسيكي يهتم بشكل دائم و دقيق بالشكل وبالأسلوب وما يتبعه من فصاحة وجمال وتعبير.

ثالثا : تكمن قيمة العمل الأدبي في تحليله للنفس البشرية والكشف عن أسرارها بأسلوب بارع ودقيق وموضوعي، بصرف النظر عما في هذه النفس من خير أو شر ، كما أن غاية الأدب هو الفائدة الخلقية من خلال المتعة الفنية، وهذا يتطلب التعلم والصنعة، ويعتمد عليها أكثر مما يعتمد على الإلهام والموهبة.



أما عن الوجود الكلاسيكي في الأدب الأوروبي فيعود منشأه بعد حركة البعث العلمي renaissance التي ظهرت خلال القرن 15م بعد سقوط القسطنطينية سنة145 3 على يد الأتراك تحت قيادة – محمد الفاتح – إذ رحل أدباء وعلماء القسطنطينية (بيزنطة) وهم يحملون معهم المخطوطات اللاتينية القديمة إلى إيطاليا ثم سرعان ما انتشر هذا المذهب بفرنسا .

وقد ظهرت الكلاسيكية تلبية للظروف الفكرية التي عاش في كنفها الأدب الأوربي في القرنين 17م و 18م حيث كان للنزعة العقلية سلطان واسع على الإبداع الأدبي . لقد وضع الأديب الفرنسي – بوالو – أسس الكلاسيكية في كتابه "فن الشعر " سنة 1648م وبذلك يكون قد أعلن عن نضج الكلاسيكية

و لن يكتمل هذا البحث إن لم نتطرق فيه طبعا إلى تأثير المذهب الكلاسيكي في الأدب العربي الحديث الذي نجده محدودا حيث اقتصر على الشعر المسرحي ؛ وذلك عندما اتصل كتاب المسرح العربي بالمسرح الفرنسي الكلاسيكي وفي مقدمة هؤلاء أمير الشعراء أحمد شوقي من مصر والأديب مارون النقاش من لبنان . وتتمثل في الأعمال العربية الأدبية الكلاسيكية في بعض الترجمات التي قام بها مارون النقاش الذي ترجم أعمالا للأديب الفرنسي – موليير – كمسرحيتي (البخيل) و(الثري النبيل) . كما قام أيضا- سليم النقاش - بترجمة مسرحية (هوراس) التي ألفها صاحبها –كورناي– سنة 1640 وقد ظهر هذا التأثير البسيط بصفة جلية في مسرحيات -أحمد شوقي - الذي كان قد اتصل بالأدب الفرنسي الكلاسيكي واحتك بمسرحه عند ذهابه إلى فرنسا للدراسة و يبدو هذا التأثير واضحا في عنصر الصراع بين الحب والواجب في مسرحية (مصرع كليوباترا) إذ جعل الأديب كليوباترا ملكة مصر (67 ق.م- 30 ق.م ) تغار على وطنها ولا يهمها أن يعزلها الروم أو أن تلقى المنية في سبيل مملكتها وهي مع ذلك مهتمة بجمالها حية أو ميتة ، متمسكة بعلاقتها بأنطيوس القائد الروماني الذي خاصم قومه من أجل كليوباترا ، كما تأثر بالشاعر الفرنسي لافونتين وألف شوقي عدة مسرحيات شعرية مثل " مجنون ليلى"، " عنترة" .

وإذا كانت مسرحيات شوقي محاولة رائدة في الشعر العربي فقد تبعتها بعد ذلك محاولات أخرى ناجحة في الإتقان الفني والنضج الفكري مثل مسرحية "مصر الجديدة "لـفرج أنطون كما ظهرت فرق أخرى كانت أعمالها المسرحية متميزة .إلا أن تأثير الكلاسيكية في الأدب العربي بقي محدودا ولم تلق رواجا كبيرا لأسباب أهمها :

- اعتماد المذهب الكلاسيكي الغربي على الأدب الموضوعي بينما نجد الأدب العربي عموما أدبا عاما .

- إن المذهب الكلاسيكي وثيق الاتصال بالمسرح سواء منه اليوناني والروماني القديم أو الأوروبي الحديث وليس للعرب مسرح في عصورهم القديمة ، وحين اتصل بعض أدبائهم بالمسرح الغربي حديثا كان ذلك التأثير محدودا .

- عدم بقاء الكلاسيكية وتعميرها طويلا في أوروبا في فترة كان الاتصال فيها بين الأدب العربي والآداب الأوروبية في مرحلة الطفولة . فليس من الطبيعي أن يتأثر العرب بمذهب أدبي هجره أهله.



هذا باختصار ما يمكن قوله عن المدرسة الكلاسيكية في الكتابة الأدبية و الفنية .



اعداد لعريبي هاجر







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire