هدية المدونة

هدية المدونة
لوحة بالفحم رسمتها : الكاتبة هاجر لعريبي

dimanche 31 octobre 2010

شعر

بقلم : الكاتب و الأديب الكبير أحمد جنديل
أنا وجرحي والعراق ........قصيدة

أنا وجرحي والعراق



تمهيد :
في ذات اللحظة التي احترقت فيها الشمس وتحولت إلى وكر للظلام ، حملتُ جرحي والعراق واتجهتُ صوبها ، وفي آخر محطات الرعب ، داهمني غلمان الشبق السياسي ، وشيوخ المراهقة الفكرية ، وتلاميذ معاهد الدعارة ، ورهط من المصابين بالعقم الوطني ، وبغايا العمالة والتجسس . وبعد التحقيق والتدقيق ، اكتشفوا في جرحي كلّ القوميات ، وكلّ الأديان ، وكلّ المذاهب التي يحملها العراق ، ولأنهم أدمنوا على دفن رؤوسهم في التراب ، فقد دفعونا إلى المحكمة فدخلنا : أنا وجرحي والعراق . .... وكانت المحاكمة .
المحكمة


الجلسة ُ تـُفتَحُ بعد قليل ، والسجّان يداعبُ سكـّينَ الذبح


وعلى جبهةِ قاضي العدلِ وشمٌ يرمزُ للعدلِ وللحكمه


وهناك على جدران القاعة ، انتشرت آياتٌ تدعو للرحمه


ودعاءٌ حولَ الغفران


وأنا مختومٌ بالقهر ومشحونٌ بالأحزان
ما أعرفه :


إنّ السكـّينَ الممهورة بالعدل قد جزّتْ آلاف رؤوس المشلولين
وأنا مِن بين المقتولين
************


الجلسة افتتحتْ رسمياً


قضاةٌ ، ومحامون ، وأشباحُ شهودْ


وحرّاسُ المحكمة الكبرى يمسكُ كلّ منهم أسواطا وقيودْ
جلسة ُ قَطْعِ الأعناق افتتحتْ رسمياٌ

ذبحٌ رسمي تحتَ غطاء القانونْ

وذبحٌ شرّعه أباطرة العقد الوثنيه


وذبحٌ آخر باسمِ الأهداف ألوطنيه
وأشكالٌ أخرى موزّعةٌ تحتَ مظلات مزاج الحكـّام ْ

وأنا محكومٌ بالإعدامْ



والجلسة ُ افتتحت رسميا



مطرقة الشيخ القاضي عملتْ رسمياً



ضربَتْ ذقنَ الجمهور الجالس في القاعة ، أنْ اِنتبهوا



صحَتِ القاعةِ من غفلتها



موجة ضحكٍ متواصلْ



وبكاءٍ في قفصي متواصلْ



صرخَ الشيخُ العادل :



متهمٌ أنتَ بقتلِ الأمنِ ونشرِ الفوضى ، وتلقين ..... تعاليم الثورة



وتبشّرُ في النصر على السوط ، وخلق حياة حرّه



ووفق تعاليم الدين



قررنا .................................. بالسكـّين



يارب الأديان



أفهمُ أنّ السكـّينَ مهمتها قطع الأعناق



ووظيفتها الأخرى قطع الأرزاق



لكنـّي لا أعرف أنّ السكـّين تمارسُ قطعَ ..........



وبكيتُ ... بكيتُ .... لأني لا أعرفُ أهدافَ السيف الحاكم في بلدي





*****



الجلسة ُ اكتملتْ ، ومقاعدها امتلأتْ



وأنا خلف القضبانْ



يأكلني الخوف ويمضغني الحرمانْ



أحملقُ في الجمع الحاشدْ



لم ألحظ جبهة ساجدْ



جمعٌ نتنٌ معروفٌ من ........ المكشوفه



والبعض الآخر ينضحُ قيء شعارات معروفه



وفي الصفِ المتقدمِ ، يجلسُ شيخٌ يحملُ رأسَ الفأرِ



شفتاه كشقـّي ...... جرو ، يتبخرُ من فمه القطرانْ



يبدو من غيرِ لسانْ



ومن إحدى عينيه يراقبُ سير الجلسة ، والعين الأخرى تأكلها الديدانْ



وبقيتُ أحدّقُ فيه ..... أحدّقُ فيه



ومن طول القرنِ النابتِ في جبهته



وبقايا أسرابِ ذبابٍ وسخٍ تكوّرَ فوقَ جدائل لحيته



جِيىَ به من خافَ الأسوارْ



فالقاعة تحتاجُ إلى إكسسوارْ



وعندَ بيان الإعلانْ



نامَ الشيخُ السلطانْ



وتعالى الهمسُ ، تلاه ................وسيلٌ من هذيانْ



في تلكَ اللحظة من زمن الخسرانْ



وقفَ الجرذ ُ المتقرّن في الميدان ْ



أعلنَ باسمِ حقوق الإنسانْ



...............................



تحركَ في رأسي ملكُ الجانْ



انتفضَ الوطنُ المطعون بغدر الصبيانْ



صفعتني سعفاتُ النخلِ المغسولة بالقهرِ وبالذ ّل وبالأشجانْ



أغرقني ماء النهر ورمل الشطـّانْ



يادجلة ماؤك يفتحُ كلّ جروحي ، وجروحي قاتلة يارحمنْ



النزفُ غزيرٌ والجرحُ عميقٌ يارب الأديان



وطني يحتضرُ الآن ، وتراب الوطن المجروح يتشظى شررا ،



وتثور شواطئه كالبركانْ



ستفور دماء ، وستغضب أخرى ، وستنهدّ الأرض لتأكل كلّ عروش الوهمِ ،



وأبراج الزيف ، وأحلام الغلمانْ



وطني يتوضأ بالعهر السافل ، وينام على ألحان الصفقات ، ويَغسل شيبتـَه



بنقيعِ الذلّ ، ويغرق في بحر الطغيانْ



وطني يتوقفُ في عينيه الزمن الصعب ، فتعالَ اله الشمس على أجنحة السرعة ،



فاللوطيون هنا ................



في تلكَ اللحظة كان صراخي يترنحُ في الوديانْ



وعند بيان الإعلان



................



ووقوف الجرذ المتقرّن في الميدانْ



...............



...............باسم الإنسانْ



صرختُ بأعلى صوتي ، سقطَتْ من صوتي كلّ شعارات الجدرانْ



يحيا الإنسان ، وتحيا جمعيات حقوق الإنسان ْ



.........................



.........................



باسمِ مكافحةِ الإرهاب ، وما يفرزُ من إرهابْ



باسمِ طوابير لصوص الليلِ وما يفعله السادة والأذنابْ



باسم النفط العربي ، ومشتقات النفط العربي من النهد الطفل إلى الفخذ العاري إلى الغزل المفضوح .....................



يحيا الإنسان وتحيا جمعيات حقوق الإنسانْ



باسم المخصيين من الثوريين بلا ثوره



باسم الوثنيين يؤدّون فريضة حجّ ألعمره



باسم الشرفاء من الجرذان الجَرباءْ



باسم القفز على أكتاف الفقراءْ



باسم الشعب المثقل بالجوع وبالجهل وبالظلم ، يساقُ إلى المجهول تحت فتاوى الأجراءْ



باسم .................................



.......................................



يحيا الإنسان وتحيا جمعيات حقوق الإنسان



صرخَ القاضي العادلْ



تحركّ حرّاس القاعة



ألقمني الجرذ المتقرّن سوطاً ألهبَ ظهري



أحد الحرّاس أهداني سوطاً ( مشكوراً ) أخرسَ قهري



صرخَ الشيخُ الغاضب، أنْ أصمت ، وصمتّ



ولا يوجد حدّ بين الصمتِ وبينَ الموتْ





******



أبوبُ القاعةِ ما عادت مقفلة ٌ



موجٌ متواصل من قطعان ، بعضهمُ يسترُ فعلته بالعلمِ الوطني ،



والبعض الآخر مفروزْ



وكلابُ الأحياء الوسخةِ ، تتراكضُ نحوَ القاعةِ ما بينَ القافزِ والمقفوزْ



أتأملُ هذا الحشد ألجوعي ، وأنا في قفصي ، وفي داخلِ أعماقي وطنٌ محجوزْ



يأخذني خازوقٌ ويُرجُعني سوط ٌ ، ويحكمني رأسٌ مهزوزْ



براز سكارى المبغى الأمريكي هنا وصلوا ، ما بينَ المفضوح وبينَ المرموزْ



.................................................................



...............................................................



ياوطني ؛ أعداؤكَ في القاعةِ تعرفهم ، وأنا أعرفهم



أشرفهم سماسرة الطغيانْ



............................



والمتكئون على شرفِ الألقاب الموبوءةِ في قعرِ النسيانْ



والمعتاشون على رمي الشيطان علانية ، ويعتاشُ الجمعُ على الشيطانْ



والداعون إلى الدينِ بلا ربٍّ ، والربّ تعالى صاحب كلّ الأديانْ



ياربّ الأديان ، الكلّ يجدّف بالدين ، ويتاجرُ بالنص ، فجرّد سيفكَ يارحمنْ



الكلّ هنا يُمسكُ بالدينِ ، واللعبة ُ واضحة ٌ ، فمزادٌ علني يُعرَضُ للأديانْ



وتخفيضٌ في الأسعار ، والبيعُ هنا بالأقساط ، وبأدنى الأثمانْ



تصفية ٌ ياسادة ، والقوم حبالى ياسادة ، والأرحام يكشّرُ فيها الحقد الأسود



فتعالوا ياجمهرةَ المنبوذين ، فالبيع هنا ، في المنطقة السوداء هنا



.......................................



.................................



...................................



................................



والبيع هنا مجّاناً



لا تخطئوا علامة الطريقْ



دليلكم هذا الدمار والحريقْ



................................



مزادٌ علني ياسادة



وطني يُعرضُ للبيع هنا ياسادة



ياشّذاذ َ الآفاقِ ، ويا تيجان الخزي اِحتشدوا



...................................... اجتهدوا



وطن منهوبٌ فليأخذْ كلّ ٌ منكم حصته



رأسُ البصرةِ محجوز، وكذلكَ كركوكْ



................................. ومبروكْ



فعلى أنغامِ صواريخِ المحتّلْ



وإبادةِ أهلِ المدنِ الموبوءةِ بالجهلْ



سيكون البيع على الوجهِ الأكملْ



فتعالوا نتقاتل باسمِ القرآن ، فقد رسمَ المحتـّلُ لنا الحلّ الأمثلْ



...........................................................................



............................................................................



............................................................................



وتعالوا ياصبيانَ اللعب السرّي مع المحتل



تعالوا لبهائمِ أرصفةِ الطرقاتِ ، فقد عدّت أيديهم للتصفيقْ



ياديدان النجس المتبرقعِ بالطهرِ ، المسرحُ هُيِّا للزيفِ وللتلفيقْ



فليحفظْ كلّ منكم ما لقـّنه المحتلّ ــ أيّاً كان المحتل ــ دونَ إضافة لغوٍ أو تعليقْ



فغداً يقذفُ بركانُ الغضبِ العارمِ أشلاءَ الجبناءْ



وغداً تحترقُ الأوراقُ وتنهارُ الأدوارُ بفعلِ دماء الشهداءْ



وغداً تَغتسِلُ الأرضُ بماءِ الصبحِ ، وأشرفُ وجهٍ فيهم لا يصلحُ كعب حذاءْ



ما عاد لهذا الوطن المفجوع سوى جمهور الشرفاءْ



تقدموا ياأحبابَ الله ، وهزّوا الجذع المنخور ، تتساقطُ أصناف العثّة ........الأمراءْ



وأزيحوا عن وجه الوطن المطعون رؤوس الخزي ....................... الأجراءْ



فبضل دعارتهم ، لحمكَ ياشعبي صارَ شهيّاً ، ودمُ الفقراءِ عُتـّقَ خمراً ، وذباب الصالات الوطنية ...............



....................



..... ياأحبابَ الله نـُعلن بدء الثورة



وليتمترس كلّ منكم بالعشق الوطني ، وسنكشف للعالم قبح العورة



وسنصرخ ملئ إرادتنا الحرّة



هذا وطن منذ الفجر الأول ، ومنذ ولادة هذا الكون



يشقى .. يعرى



يتقيّحُ مرضاً أو فقرا



وليس يجفّ وليس يموتْ



فلتسقطْ كلّ الأضداد



ولتحيا أوراق التوتْ





************************************





* هذه مقاطع من قصيدة طويلة ، حذفتُ منها الكثير وأبقيتُ هيكلها المجرد لأنها في مجملها تعطي صورة للقارئ عن المأساة وهذا قد يرضيه ولو بالحد الأدنى



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire